نظرة على الستراتيجية الامريكية

إنضم
8 سبتمبر 2014
المشاركات
2,306
التفاعل
6,201 5 0
نظرة على الستراتيجة الامريكية

ان الخطط البعيدة المدى التي تضعها الدول من اجل الحفاظ على مصالحها والدفاع عن وجود ها يعتبر جوهر الستراتيجة التي تتمثل بتهيئة الامة للدفاع عن نفسها من خلال الاعتماد على النفس اولا وتامين الوسائل المادية والمعنوية والعمل على تطويرها وديمومتها والتفوق على اعدائها المحتملين وهذا مايجعل الستراتيجية لاتتسم بالثبات بل تتبدل مع النتغيرات الداخلية والخارجية التي يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار لان وضع ستراتيجية خاطئة تقود اصحابها الى كارثة رهيبة ومدوية وعليه من اجل وضع ستراتيجية ناجحة لابد ان تمتلك شروط وخصائص ومواصفات ومنها :
1.ينبغي ان تنال الاجماع الوطني وتنال قناعة الشرائح المثقفة والمختصة والمراكز العلمية والقيادات السياسية والعسكرية.
2.ينبغي ان تكون واضحة ومفهومة للخصوم والاعداء الى الحد الذي يحقق الردع المنشود.
3.ينبغي ان تنال موافقة الحلفاء والاصدقاء .
4.ينبغي ان تقدم التصورات والحلول للمعضلات والمصاعب الحالية او المحتملة
5. ينبغي ان تتصف بالبساطة والوضوح وامكانية التطبيق .
6.ينبغي ان توحد الصفوف والسواعد والعقول والقلوب .
7.ينبغي ان تعزز الشعور بالقدرة والثقة والسيطرة .

تطور الستراتيجية الامريكية

ان المتتبع للستراتيجية الامريكية منذ الحرب الامريكية الاهلية وحتى الحرب الحالية التي تشنها امريكا ضد الجماعات الاسلامية المسلحة (الارهاب)يلاحظ انها غير ثابتة وتتغير مع الازمنة والظروف الداخلية والدولية فبعد نهاية الحرب العالمية الثانية خرجت الولايات المتحدة باستراتيجية جديدة تعتمد على القوة الجوية وهذا قادها الى التفكير بالسيطرة على مناطق تؤمن لها قواعد جوية في مناطق مختلفة من العالم وفي الوقت نفسه منع الخصوم من السيطرة على قواعد تكون قريبة وتهدد الولايات المتحدة او مناطق نفوذها الحيوية . وفي الخمسينيات من القرن الماضي اعلن وزير خارجية امريكا دلاس عن ستراتيجية جديدة تعتمد على الرد الانتقامي الواسع والكثيف في حالة تعرض امريكا لاي اعتداء وخاصة بعد تعاظم القوات الجوية والصاروخية الروسية والتي اصبحت تعرف بستراتيجية الردع المتبادل او التدمير المتبادل . وفي الستينيات اعلن وزير الدفاع الامريكي ماكنمارا ان الستراتيجية الامريكية في الحرب النووية ينبغي ان تدار بنفس الطريقة التي تدار بها الحرب التقليدية باستهداف القوات العسكرية وعدم استهداف المدن وهو ما يعرف بستراتيجية (الرد المرن) وفحواها امتصاص الضربة الاولى والقيام بضربة انتقامية على الاهداف العسكرية المعادية بواسطة صواريخ غير ثابتة ومن غواصات تحت البحر واستمرت هذه الستراتيجية تقريبا طيلة فترة الحرب الباردة الى فترة الثمانينات عندما اعلن الرئيس رونالد ريكن مبادرة الدفاع الستراتيجي (حرب الفضاء) التي تعتمد على تحويل الفضاء الخارجي الى ساحة جديدة للصراع الدولي من خلال تطوير اسلحة فضائية بامكانها تدمير الاسلحة البالستية المعادية (الصاروخية)لحظة انطلاقها بعد رصدها بواسطة اقمار صناعيةمتطورة ومعدة لهذه الغاية ولكن مع انهيار الاتحاد السوفيتي انهارت هذه الستراتيجة ولكن في الوقت نفسه عملت امريكا على الاعتماد على الحرب بالوكالة من خلال اثارة حروب محلية تجنا الصدام المباشر مع اعدائها وهذا كله جعل بان تكون هناك موجه من الكراهية تجاه امريكا لعدم نزاهتها وكيلها باكثر من مكيال في القضايا الدولية وخاصة في منطقة الشرق الاوسط ودعمها اللامحدود لاسرائيل وكذلك حدوث ازمات دولية جديدة جعلها تتدخل بشكل مباشر عندما هددت مصالحها الحيوية بشكل مباشر عند الغزو العراقي للكويت وابقاء قواتها واساطيلها في المنطقة بعد انتهاء الازمة وهذا ما دفع الى ظهور جماعات اسلامية متطرفة تعمل على ضرب التواجد الامريكي في المنطقة حتى بلغ الامر ذروته في احداث 11 سبتمبر 2001 وكانت قبل ذلك ومع انهيار الاتحاد السوفيتي ان اعتبرت ان عدوها الان هو الاسلام المتطرف وجعلت من افغانستان والعراق العدو الجديد والذي يتطلب ستراتيجية جديدة وكانت ستراتيجية الضربة الاجهاضية التي تبناها جورج بوش الابن فتورط في المستنقع الافغاني وتلاه المستنقع العراقي والتي غاصت قدماه فيهما وجعلته يتخبط وكانه لم يقرأ او يعايش التورط الروسي قبل عدة سنوات فقط في افغانستان والتي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي . وكانت النتيجة الاخرى ان خسر بوش الانتخابات الرئاسية وجاء بعده اوباما الذي وعد بالانسحاب من هذا المأزق الخطير الذي تورطت فيه امريكا والذي كلفها الكثير الكثير وهنا بدأت العقول الامريكية بالتفكير بستراتيجية جديدة لمجابهة هذا العدو الجديد الذي يختلف عن كل اعدائها السابقين فهو ليس بدولة وليس له قواعد ثابتة ويستخدم اسلحة واساليب قتال لم يفكر بها بشر من قبل وظهرت ستراتيجية الحرب اللامتماثلة .

الستراتيجية الامريكية الجديدة

قبل الخوض في ماهية هذه الستراتيجية الجديدة لابد ان نتطرق للتحديات التي تجابهها امريكا في الوقت الحاضر والتي على ضوئها وضعت ستراتيجيتها الجديدة وهي :
1.اسلحة الدمار الشامل .
2.الحركات الاسلامية المتطرفة.
3. حركات التحرر الاسلامية في داخل الدول الحليفة للولايات المتحدة (الدول المعتدلة) .
4. الخطر الايراني من خلال التنظيمات شبه العسكرية (فيلق القدس) وتضاعف هذا الخطر في حالة حصول ايران على السلاح النووي .

وعلى ضوء هذه التهديدات اصبح على امريكا ان تضع حلول مستعجلة لها كي تتمكن من وضع ستراتيجية مناسبة لها وعملت عى القيام بالامور التالية :
1.العمل على اضعاف جاذبية الفكر المعادي لامريكا من خلال ترويج مفاهيم ومبادئ السياسة الامريكية ومكافحة معاداة وكره امريكا
2.العمل على التشكيك بالاسلام المتطرف والناطقين باسمه من خلال دعم الاسلام المعتدل .
3.ينبغي ان يكون التحدي للاسلام المتطرف من قبل مسلمين اخرين معتدلين تدعمهم امريكا من داخل الوسط الاسلامي .
4.تشجيع مؤسسات اسلامية لمكافحة الفكر الاسلامي المتطرف تعتمد المفكرين المسلمين المختلفين مع التطرف والعمل على نشر افكارهم لتطوير المجتمعات الاسلامية .
5.ان يكون الهدف السوقي للاعلام اضعاف جاذبية الفكر الاسلامي المتطرف .
6.تغيير عقلية المسلمين الذين يعتبرون ان مهاجمة امريكا هو طريقهم الى الجنة وهو واجب شرعي .
7.تضخيم الاصوات البديلة المعادية للتطرف والعمل على اضعاف الاصوات المتطرفة والتشكيك بها .
8.التركيز عل البرامج السياسية والثقافية التي تعرِف الثقافة الاسلامية التقليدية التي تتضمن الموسيقى والشعر الصوفي والشرع الاسلامي التقليدي (المعتدل).ويكون التدخل الامريكي فيها بشكل غير مباشر (القطاع الخاص)لتجاوز الحساسية تجاه التدخل الامريكي
9. انشاء مؤسسات تروج للديمقراطية .

ان الخسائر الكبيرة التي التي منيت بها الولايات المتحدة في كل من العراق وافغانستان جعلها تفكر مليا في كيفية التخلص من هذا المأزق الستراتيجي فكان الخيار الوحيد امامها الانسحاب من كلا البلدين ولكن من اجل الحفاظ على ماء الوجه والتغظية على الهزيمة الستراتيجية بدأت بالعمل باجراءات كثيرة منها العمل على تثبيت الديمقراطية واجراء الانتخابات ودعم مرشحين موالين لها ويدورون في فلكها ومن ثم توقيع اتفاقيات امنية تضمن لها الاحتفاظ بقواعد عسكرية تعطيها الغطاء الشرعي لتواحدهاوكذلك بناء قوات امنية في كلا البلدين للقيام بالعمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة بدلا من القوات الامريكية التي عليها الانسحاب وتترك خلغها بعض المستشارين . لقد انسحبت القوات الامريكية من العراق انسحاب شبه كامل وماذا كانت النتيجة استمرار العمليات المسلحة وتصاعد وتيرتها حتى ادى الى انهيار شبه كامل للموسسة العسكرية العراقية وسيطرة الجماعات المسلحة في منتصف عام 2014 على مساحة مايقارب ثلث مساحة العراق وهذا معناه فشل كبير للستراتيجية الامريكية وهذا مادفع الادارة الامريكية الى التفكير بستراتيجية جديدة تعيد لها هيبتها ولكن على ان لاتؤدي هذه الستراتيجية الجديدة الى التورط مرة اخرى بقوات كبيرة على الارض وبنفس الوقت تؤمن القضاء على التنظيمات المسلحة المتطرفة فكان البديل ستراتيجية (NO BOOTS ON GROUND) اي مامعناه لالتدخل قوات برية على الارض والاعتماد على الضربات الجوية والطائرات المسيرة وقوات خاصة محدودة تقوم بعمليات على درجة عالية من الدقة والتخطيط وكذلك تأمين مستشارين لتوجيه القوات المحلية وتقديم الاسناد الجوي القريب لها وهذا ما معمول به وجاري تنفيذه في العراق حتى هذه اللحظة ولكن هل نستطيع ان نقول نجحت هذه الستراتيجية ام فشلت هذا كله متروك للفترة المقبلة التي سنشهدها وبعد ذلك يترك التقييم للخبراء والمحللين للحكم على هذه الستراتيجية الامريكية الجديدة.
 
عودة
أعلى